قيادة الشرعية و أوجاع الشعب
صـلاح بوعابس
لا أدري لماذا انطبعت في ذاكرتي صورة ذلك الرجل المسن الذي وقف قبل أيام بعد صلاة العشاء في مسجد صغير بالمكلا أمام المصلين لطلب الحاجة ولكنه لم يتمالك نفسه للبوح بها، فاستدار بوجهه للجدار دون أن ينطق بها ..
لا حول ولا قوة الا بالله.. وصل بنا الحال إلى وضع يصعب فيه الكلام.. واقع مؤلم.. مزري.. مخيف.. عندما تستوقفك فتاة في مقتبل العمر وأنت مار جنب أحد المطاعم لتقول لك أخواني في الدار بلا عشاء..
يا رب أقم الساعة..فالناس في جور وفاقة وليس لديهم مقدرة على إحتمال هذا الوضع أو حتى فهمه..
تتضاعف معاناة هذا الشعب الصابر اليوم يتجدد الريال اليمني انهياره أمام العملات الاجنبية، وسط تردي في الخدمات وارتفاع في أسعار المواد الغذائية الأساسية «قوت المواطن» في مقابل ذلك لم نسمع عن تحرك حكومي لوقف ذلك أو ضخ آمال لوضع تدخلات تكبح التدهور الذي يهدد معيشة الشعب ..
لكن لا بأس.. فليلة أمس سربت أنباء عن استدعاء الرئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي وقيادات الحكومة من عواصم البلدان التي يقيمون فيها إلى العاصمة السعودية «الرياض» لعقد لقاء عاجل ..
بعد هذا التسريب سارت التأويلات متفائلة باللقاء المرتقب وبأنه يحمل انفراجه لتخفيف أوجاع الداخل وانينه، وخاصة وقف هرولة الريال اليمني الذي انعكس سلبًا على حياة الناس واستقرارهم المعيشي ، وهو أمر نعتقد انه استدعي هؤلاء المسؤولين إلى صحوة لتحمل مسؤولياتهم تجاه الأوضاع المتفاقمة وإيجاد معالجات فورية لإنقاذ ما يمكن انقاذه !..
يبدو ان الخيار الأوحد أمام هؤلاء القادة ليس رفع قيود البند السابع وتوابعه، بل البحث عن خيارات تؤدي إلى موافقة سلطة الحوثي على السماح بفتح البزبوز واستئناف تصدير النفط..
لكن هذا حتى لو تم فإنه لن يسد الثقب الأسود الذي يستنزف الموارد المالية التي تتحصل عليها الشرعية اليمنية من مبيعات صادرات النفط والغاز، ويجعلها بدلَا من ان تسخر هذه الأموال في اوجهها الحقيقية الداعمة للاقتصاد الوطني تبديدها في غير محلها ، هذا بالطبع يتطلب مصداقية في الشروع - بلا حجج او شروط - في وقف الإنفاق المهول على أنشطة لا جدوى لها ومنها تغطية نفقات قيادات الخارج بمختلف مستوياتهم، و العمل الجاد على عودتهم جميعًا إلى الداخل لمباشرة أعمالهم ، دون ذلك سيكون اللقاء كسابقاته عبارة عن تخطيط في الستر .