بن بريك محور الإصلاح المرتقب.. دعوات واسعة لتوحيد الصف وتمكين الحكومة من العمل دون تدخلات (تقرير)

تشهد الساحة السياسية اليمنية ـ ولا سيما في الجنوب ـ موجة متصاعدة من المطالبات الشعبية والإعلامية بضرورة تمكين دولة رئيس الوزراء الدكتور سالم بن بريك من أداء مهامه التنفيذية دون تدخلات تعيق عمل الحكومة أو تشل مسار الإصلاحات الاقتصادية والخدمية التي ينتظرها المواطن منذ سنوات.
هذه الدعوات، التي تزايدت حدّتها خلال الأسابيع الأخيرة، جاءت نتيجة تفاقم المعاناة المعيشية وازدياد تدهور الخدمات العامة، في ظل تعدد مراكز القرار وتداخل الصلاحيات بين مؤسسات الدولة المختلفة.
مطالب بتوحيد الصف خلف الحكومة الإصلاحية:
يرى ناشطون وإعلاميون أن البلاد تمر بمرحلة تاريخية حرجة تتطلب اصطفافًا وطنيًا خلف الحكومة الحالية، باعتبارها الخيار الواقعي الوحيد لإنقاذ الوضع المعيشي المتردي، وإعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس من الشفافية والحوكمة والمساءلة.
ويؤكد هؤلاء أن تعدد المرجعيات السياسية وتضارب المصالح بين القوى المكونة لمجلس القيادة الرئاسي أدى إلى تعطيل كثير من القرارات، وإبطاء تنفيذ البرامج الإصلاحية، مما انعكس بشكل مباشر على حياة الناس.
وطالبوا بحصر دور مجلس القيادة الرئاسي في الإشراف العام ووضع السياسات العامة، دون التدخل في التعيينات أو الموازنات أو التفاصيل الإدارية التي تُعد من صميم اختصاص الحكومة التنفيذية.
اليافعي: المواطن الجنوبي يريد حياة تحفظ كرامته لا شعارات جديدة:
الإعلامي ياسر اليافعي عبّر عن موقف صريح بقوله إن “المواطن الجنوبي لم يعد يطلب أكثر من حقه الطبيعي في الحياة الكريمة؛ راتب منتظم، كهرباء مستقرة، ماء صالح للشرب، وخدمات طبية وتعليمية تحترم آدميته”.
وأضاف أن المرحلة الحالية لا تحتمل المزايدات السياسية أو الصراع على المناصب، مشيرًا إلى أن تضحيات الجنوبيين على مدى السنوات الماضية يجب ألا تذهب سدى بسبب صراع نفوذ بين قوى سياسية.
وأكد اليافعي أن المطلوب اليوم هو الالتفاف خلف برنامج رئيس الوزراء سالم بن بريك وتوفير البيئة السياسية والإدارية التي تمكنه من تنفيذ إصلاحاته، مشددًا على أن أي استمرار للمحاصصة والتدخل في عمل الحكومة لن يجلب سوى الفشل.
دور إشرافي لا إداري للمجلس الرئاسي:
وفي السياق ذاته، شدد اليافعي على أن دور مجلس القيادة الرئاسي يجب أن يكون إشرافياً ورقابياً فقط، يراقب الأداء العام ويقيّم النتائج، دون أن يتحول إلى سلطة موازية للحكومة أو منافسة لها في القرارات التنفيذية.
وقال: “إن ازدواجية القرار هي السبب الرئيس وراء شلل مؤسسات الدولة خلال السنوات الماضية، وإن الإصلاح الحقيقي يبدأ حين تُمنح الحكومة كامل الصلاحيات ويُحاسب المسؤول على نتائج أدائه لا على ولائه السياسي”.
الاستقرار يبدأ من تمكين الحكومة:
الكاتب الاقتصادي ماجد الداعري رأى أن الأزمة المعيشية ليست معقدة بقدر ما هي نتاج فوضى إدارية وتدخلات سياسية أربكت الجهاز التنفيذي.
وقال إن انتظام صرف المرتبات، واستقرار الكهرباء والمياه والخدمات الصحية، لا يحتاج لمعجزات بل إلى إرادة سياسية حقيقية تسمح للحكومة بالعمل وفق خطتها دون ضغوط أو إملاءات.
الصحفي صالح أبو عوذل شاركه الرأي، مؤكداً أن فرض التعيينات من خارج الإطار الحكومي ينسف مبدأ الكفاءة ويعيد إنتاج الفساد الإداري بشكل جديد.
أما الإعلامي خالد سلمان فحذر من أن استمرار التداخل بين الأدوار سيقود إلى مزيد من الاضطراب، موضحاً أن “الاستقرار السياسي لا يتحقق إلا عبر تمكين الحكومة ومنحها الوقت والموارد لتنفيذ برنامجها الإصلاحي”.
مسهور: نجاح الإصلاح مرهون بتمكين بن بريك:
المحلل السياسي هاني مسهور أكد أن الإصلاحات الاقتصادية والإدارية التي وعدت بها الحكومة لن تنجح ما لم تُمنح كامل الصلاحيات الدستورية، مشيرًا إلى أن رئيس الوزراء بن بريك يمتلك رؤية اقتصادية متزنة تركز على إعادة الثقة بالمؤسسات واستعادة الانضباط المالي.
وأوضح أن "كل تجارب الإصلاح السابقة فشلت لأنها كانت محاطة بتدخلات فوقية ومصالح متقاطعة"، داعيًا إلى إعادة رسم العلاقة بين السلطات بحيث تكون الحكومة التنفيذية صاحبة القرار، والمجلس الرئاسي جهة إشراف ومساءلة.
بدوره، دعا الناشط الحقوقي عبدالكريم المدي إلى وقف المناكفات السياسية التي باتت عبئاً على حياة المواطنين، مؤكدًا أن الناس “لم يعودوا يريدون خطابات ولا مهرجانات، بل يريدون كهرباء لا تنطفئ، ومياه لا تنقطع، ورواتب تصرف في موعدها”.
وأشار الباحث وضاح بن عطية إلى أن الالتفاف حول حكومة بن بريك يشكل الطريق الأقصر لإنقاذ الوضع المعيشي وبناء مؤسسات دولة مستقرة قادرة على أداء وظائفها.
البكيري: الناس سئموا الشعارات الفارغة:
الكاتب نبيل البكيري اعتبر أن أخطر ما يواجه اليمنيين اليوم هو حالة "الاعتياد على الفشل"، مؤكدًا أن استمرار التدخل في عمل الحكومة سيعيد إنتاج الأزمات نفسها التي سبقت، بصيغ جديدة وأسماء مختلفة.
وأشار الصحفي منصور صالح إلى أن الشارع لم يعد يُصدق الشعارات بعد أن عاش سنوات من الوعود دون نتائج، مضيفاً أن الناس اليوم بحاجة إلى “كهرباء لا بيانات، ورواتب لا مؤتمرات صحفية”.
أما جمال حامد فشدد على أن حصر مهام مجلس القيادة في الإشراف والرقابة فقط سيعيد التوازن للمشهد السياسي، ويعزز ثقة المواطنين بجدية الإصلاحات الحكومية.
حراك شعبي على مواقع التواصل: "ادعموا الحكومة واتركوها تعمل":
وتفاعل ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي مع هذه الدعوات بشكل واسع، حيث أطلقوا وسومًا تدعو إلى الالتفاف خلف بن بريك ومنحه الوقت والصلاحيات الكاملة لتنفيذ برنامجه الإصلاحي.
وتنوعت التعليقات بين مطالب بانتظام صرف المرتبات وتحسين الخدمات، ودعوات إلى وقف المحاصصة والتجاذبات السياسية التي تعرقل الأداء الحكومي.
ورأى كثير من المغردين أن نجاح الحكومة الحالية هو الأمل الأخير لإنقاذ ما تبقى من الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة، وأن أي محاولة لإضعافها أو مصادرة صلاحياتها ستكون بمثابة “إطلاق رصاصة الرحمة على آخر ما تبقى من أمل في الاستقرار”.