الغابة التي تحكمها الضباع تصبح موطنًا للفئران

الغابة التي تحكمها الضباع تصبح موطنًا للفئران

فتحي بن لزرق

وقعت بين يدي ثلاث رسائل رسمية صادرة عن ثلاثة من نواب مجلس القيادة الرئاسي...�ولوهلة، ظننت ـ كما قد يظن كل يمني يتابع ما يحدث ـ أن هذه الرسائل تتعلق بالحرب، أو بالانقلاب، أو بالقصف الذي يطال المنشآت المدنية ويحوّل ما تبقى من البنية التحتية إلى ركام.�قلت في نفسي لعلها أخيرًا أوراق تبحث في الانهيار الاقتصادي، أو انفلات العملة، أو المجاعة التي تتربص بالمواطن، أو ربما في آليات صرف المرتبات المتوقفة منذ سنوات!
لكن يا للأسف... ويا للعار!�كل واحدة من هذه الرسائل لم تكن سوى ترشيحات لتعيين نواب وزراء!�ثلاثة نواب في قمة هرم السلطة يتصارعون على اقتسام فتات المناصب في حكومة منهارة، تقف على حافة العجز، بينما الوطن يتآكل من أطرافه وينخر دود الفساد وسطه، والناس يئنّون من الجوع، والرواتب متوقفة، والدولة لا تكاد تُرى إلا في ختم عابر، أو توقيع على ورقة تعيين او طلب مساعدة مالية لمومس!
هذا الوطن يذوي والضباع تحكم غابته وتلمّس طريق النجاة أمر بالغ الصعوبة.
الخيارات منعدمة والامل شمعة لاتكاد ان ترى في طريق تيارات هواء عاصفة.
كل طرف في هذا المجلس العاجز يخوض معركة كأنها مصيرية... لا من أجل إنقاذ وطن، بل من أجل انتزاع توقيع على ورقة تافهة، في مشهد بائس يعكس إلى أي درك انحدرت النخبة الحاكمة.
ثم يأتيك أحد المغفلين، فيسألك: لماذا الح،وثي يتمدد؟�لماذا البلاد تغرق؟ ولماذا نسقط و لماذا المستقبل مظلم؟
وامر كهذا وواقع صعب كالذي نعيشه لايحتاج جهد كبير لفهم حل هذه الأحجية:� من يُفترض بهم أن يحملوا الوطن، لا يحملون سوى حقائب الطمع، ولا يتنازعون إلا على المناصب، لا السيادة، ولا القرار، ولا المعركة.
إننا نعيش مرحلة مخزية بكل ما تعنيه الكلمة، مرحلة خَرائية بكل قبحها، تحكمنا فيها نخبة خائبة، أعجز من أن تتفق على إنقاذ سفينة تغرق، لكنها لا تتوانى عن خوض حرب شعواء لتعيين "نائب وزير" في وزارة لا تؤدي أي وظيفة سوى استنزاف ما تبقى من خزينة شعب منكوب.
فتحي بن لزرق
٧ مايو ٢٠٢٥