ما العلاقة بين ارتفاع مستويات التستوستيرون وزيادة خطر الاكتئاب والانتحار؟

ما العلاقة بين ارتفاع مستويات التستوستيرون وزيادة خطر الاكتئاب والانتحار؟


نشرت مجلة "سايكولوجي توداي" الأميركية تقريرا للكاتب مايكل كاسلمان تحدث فيه عن تأثير هرمون التستوستيرون على مخاطر الاكتئاب والانتحار، إذ استعرضت الدراسات العلاقة بين ارتفاع مستويات التستوستيرون وزيادة في خطر الإصابة بالاكتئاب والانتحار.

وقال الكاتب إن العلماء عرفوا، لعقود من الزمن، أن الرجال الذين يعانون انخفاضا غير عادي في مستويات هرمون التستوستيرون في الدم (أقل من 300 نانوغرام/ ديسيلتر من الدم) يعانون التعب والاكتئاب، وتراجع الرغبة الجنسية، ومشاكل الانتصاب، وزيادة الوزن، وفقدان كتلة العضلات، ويمكن عكس كل هذه المشكلات بسرعة باستخدام المكملات التي تعيد مستويات هرمون التستوستيرون في الدم إلى المعدل الطبيعي.

وأضاف الكاتب أن بعض الأطباء ادعوا أن الرجال الذين لديهم مستويات طبيعية من هرمون التستوستيرون يمكنهم اكتساب قوة جديدة وكتلة عضلية وانتصاب أقوى من خلال المكملات، ويصف النقاد هذه الوعود بأنها غير مسؤولة من الناحية الطبية، موضحين أن هذا يزيد من خطر اضطرابات المزاج وأمراض القلب والسكتة الدماغية وربما سرطان البروستاتا، وهناك دراسة حديثة تدعم هذه الحجة، إذ يظهر أن مكملات التستوستيرون تزيد بشكل كبير من خطر إصابة الرجال بالاكتئاب وإيذاء النفس، بما في ذلك الانتحار.

أشكال مكملات التستوستيرون

العلاج ببدائل التستوستيرون متاح في عدة أشكال، تشمل:

رقعة جلدية (على جلد الرجل): هي رقعة جلدية توضع على الذراع أو الجزء العلوي من الجسم. ويتم وضعها مرة واحدة في اليوم، وفقا لتقرير لموقع "ويب ميد".

مادة هلامية (جيل): تأتي في عبوات من هلام التستوستيرون الصافي. ويتم امتصاص التستوستيرون مباشرة من خلال الجلد عند وضع الجل مرة واحدة في اليوم.

لصقة الفم: عبارة عن قرص يلتصق باللثة العلوية فوق السن القاطعة، ويتم تطبيقه مرتين في اليوم، وهو يطلق هرمون التستوستيرون باستمرار في الدم من خلال أنسجة الفم.

الحقن والغرسات: يمكن أيضا حقن التستوستيرون مباشرة في العضلات، أو زرعها على شكل حبيبات في الأنسجة الرخوة. ويمتص جسمك ببطء هرمون التستوستيرون في مجرى الدم.

دراسة هائلة

أشار الكاتب إلى أن الباحثين في عديد من الجامعات الأميركية قاموا بمراجعة 70 مليون سجل طبي إلكتروني للرجال فوق سن 18 سنة الذين إما تناولوا أو لم يتناولوا هرمون التستوستيرون التكميلي لأي سبب من الأسباب.

وكشف الكاتب عن أن البحث حدد في السجلات 17 مليونا و838 ألفا و316 رجلا لم يتناولوا مكملات هرمون التستوستيرون، و263 ألفا و579 تناولوا المكملات (1.5% من العينة)، وقد أدى تناول المكملات إلى مضاعفة خطر الإصابة بالاكتئاب الشديد، وزيادة خطر إيذاء النفس، بما في ذلك الانتحار، بنسبة 50%.

وفي البحث، كلما كانت العينة السكانية أكبر، كانت النتائج أكثر مصداقية، وتمتلئ مجلات علم النفس بالدراسات المبنية على عينات صغيرة لا يتجاوز عددها بضع عشرات من المشاركين، أو بضع مئات، لكن هذا البحث تتبع أكثر من 18 مليون رجل، وضخامة هذه العينة تضفي مصداقية هائلة على النتائج التي توصلت إليها وينبغي أن تكون كافية لإثبات أن مكملات التستوستيرون عامل خطر للاكتئاب وإيذاء النفس.

دم أكثر كثافة

وذكر الكاتب أنه بالإضافة إلى تأثيرها على الصحة العقلية، تعمل مكملات التستوستيرون أيضا على زيادة كثافة الدم، مما يجعله أكثر عرضة للتجلط، وهو عامل خطر للإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية، وقد يحفز هذا الهرمون أيضا نمو سرطان البروستاتا. وكانت هذه المخاطر معروفة جيدا منذ منتصف القرن العشرين، مما منع الأطباء إلى حد كبير من وصفها.

ولكن في نهاية القرن العشرين، واستنادا إلى دراسات صغيرة وقصيرة المدى، جادل بعض المتحمسين لهرمون التستوستيرون بأن هذه المكملات غير خطيرة طبيا ونفسيا، ووصفوه لعدد متزايد من الرجال الذين يشكون من أعراض غامضة مثل التعب، وتقدر السلطات الطبية أن مكملات التستوستيرون أصبحت الآن صناعة تبلغ قيمتها مليار دولار سنويا.

ومنذ الألفية الجديدة، زادت الوصفات الطبية لهرمون التستوستيرون بدرجة كافية لتنتبه إليها إدارة الغذاء والدواء الأميركية، وفي سنة 2014، شكلت الإدارة الأميركية لجنة خبراء للتحقيق في الزيادة في الوصفات الطبية، وصوتت اللجنة بأغلبية 19 صوتا مقابل صوت واحد لفرض قيود جديدة صارمة على مكملات التستوستيرون.

وقالت اللجنة إنه منذ بداية الألفية، تضاعف عدد الرجال الأميركيين الذين يتناولون هذا الهرمون 4 مرات ليصل إلى أكثر من 2 مليون، لكن عمليات التدقيق تظهر أن كثيرين تلقوا الهرمون من دون إجراء اختبارات دم كافية لمعرفة إذا ما كانوا يعانون بالفعل مما أصبح يعرف باسم "انخفاض مستوى التستوستيرون"، ونتيجة لذلك، فإن عديدا من الرجال الذين يتناولون التستوستيرون ربما لا يحتاجون إليه.

وأشار الكاتب إلى أنه تمت الموافقة على هرمون التستوستيرون من قبل إدارة الغذاء والدواء ليكون علاجا بديلا فقط للرجال الذين لديهم مستويات منخفضة من هرمون التستوستيرون بسبب اضطرابات الخصيتين أو الغدة النخامية أو الدماغ التي تسبب حالة تسمى قصور الغدد التناسلية.

الإفراط في وصفه؟

ونقل الكاتب تحذيرات جمعية الغدد الصماء، التي توصي بتناول مكملات التستوستيرون فقط للرجال الذين لديهم مستويات منخفضة بشكل لا لبس فيه، وهي النتيجة التي تتطلب عدة اختبارات دم، وتعد الاختبارات المتعددة ضرورية لأن مستويات هرمون التستوستيرون لدى الرجال تتقلب خلال اليوم، إن أولئك الذين تنقص مستوياتهم في أحد الاختبارات غالبا ما يظهرون مستويات طبيعية في اختبارات أخرى.

وأفاد الكاتب بأن تقريرا أعده باحثون في الفرع الطبي بجامعة تكساس في جالفيستون أظهر أن 25% من الرجال الذين يتناولون هرمون التستوستيرون التكميلي خضعوا لاختبار دم واحد فقط قبل تلقي الوصفات الطبية، مما يشير إلى أن أطباءهم وصفوه من دون اهتمام.

وبالإضافة إلى ذلك، حتى لو أظهرت اختبارات الدم المتعددة نقصا واضحا، فإن إرشادات جمعية الغدد الصماء تصر على أنه ينبغي عدم وصف هرمون التستوستيرون إلا إذا أبلغ الرجال عن أعراض واضحة للنقص، ولا سيما انهيار الرغبة الجنسية، أي ليس مجرد انخفاض الرغبة الجنسية، ولكن الفقدان التام للرغبة الجنسية.