صحيفة دولية: أزمة الرواتب تهدد الحكومة اليمنية بموجة إضرابات واسعة
تدخل المدارس ورياض الأطفال ومكاتب التربية والتعليم في عدن منذ الإثنين في إضراب شامل دعت إليه جهات نقابية احتجاجا على تأخّر صرف رواتب العاملين في القطاع على مدى شهرين متتاليين، وذلك في مؤشّر على اشتداد الأزمة المالية التي تواجهها السلطة الشرعية اليمنية ووصول امتداداتها إلى الوضع الاجتماعي وتعكيرها مزاج الشارع الذي بدأ ينحو إلى التعبير عن غضبه بالاحتجاجات والدعوة للإضرابات في أكثر من قطاع.
وأصدرت نقابة المعلمين والتربويين الجنوبيين في عدن بيانا دعت فيه للإضراب الشامل عن التدريس في المؤسسات المذكورة وذلك ابتداء من الإثنين.
وجاءت الدعوة لتضاف إلى دعوات مماثلة كانت قد صدرت في محافظات أخرى بمناطق الشرعية من بينها دعوة للإضراب الشامل صدرت في وقت سابق عن المعلمين بمحافظة شبوة، فضلا عن مطالبة للحكومة المعترف بها دوليا بإقرار زيادة في رواتب الموظفين لمواجهة موجة الغلاء غير المسبوقة الناتجة عن انهيار قيمة عملة الريال المحلية، أصدرتها اثنتان وثلاثون نقابة إثر اجتماع تشاوري كانت عقدته في مدينة تعز مركز المحافظة التي تحمل نفس الإسم وتقع بجنوب غرب اليمن.
ولم يتمكّن المعلمون في عدن حتى نهاية شهر نوفمبر من الحصول على راتب الشهر وشهر أكتوبر الذي قبله، فيما اكتفت الحكومة بصرف منحة مالية لهم كانت اعتمدتها السلطة المحلية كحافز شهري لكل معلم وتبلغ قيمتها ثلاثين ألف ريال وهو مبلغ زهيد قياسا بموجهة الغلاء وانهيار قيمة الريال.
ومما جاء في بيان نقابة المعلمين والتربويين الجنوبيين أنّ النقابة تتابع عن كثب حال المعلمين والمعلمات “الذين طحنهم غلاء الأسعار وأكل رواتبهم التي لا تغني ولا تسمن” وأنّها قرّرت في اجتماعها الاستثنائي الذي انعقد بعدن “بدء الاضراب من يوم الاثنين الموافق للثاني من ديسمبر في جميع المدارس ورياض الأطفال ومكاتب التربية والتعليم على مستوى المحافظة.”
كما أوضحت النقابة في بيانها أنّ مطلبها يتمثّل في “صرف راتب شهرين دفعة واحدة وبصورة عاجلة.”
ووضَع التدهورُ الاقتصادي والمالي الكبير في مناطق الشرعية اليمنية السلطة المعترف بها دوليا تحت ضغط الشارع الغاضب من تردّي الأحوال المعيشية.
وتشهد العديد من المدن ومراكز المحافظات التابعة للشرعية حالة احتقان شعبي منذر بالانفجار الذي لاحت بوادره بالفعل في بعض المدن ومراكز المحافظات التي شهدت احتجاجات شعبية على تردي الأوضاع المعيشية والخدمية.
وبدت الشرعية والحكومة التابعة لها بقيادة أحمد عوض بن مبارك قليلتي الحيلة أمام الانهيار الاقتصادي والمالي المتسارع والذي تحوّل تهاوي قيمة عملة الريال المحلية أحد أبرز مؤشراتها.
وشهد الريال اليمني على مدى شهر متواصلة سلسلة من الانهيارات في قيمته التي وصلت سقفا غير مسبوق من التدني بلغ 2070 ريال لكل دولار واحد.
ولم تنجح مزادات العملة التي لجأ إليها البنك المركزي التابع للشرعية كحل عاجل لمعالجة الأزمة في وقف ذلك التراجع بينما بدا البحث عن تمويل خارجي هو الحلّ الوحيد المتاح حاليا.
وبدأت الأزمة تلقي بظلالها على مزاج الشارع المرهق أصلا من الغلاء المشطّ في الأسعار بسبب ارتفاع نسبة التضخّم، ومن سوء الخدمات الذي أصبح الانقطاع المتكرر والمتواصل للكهرباء عنوانا رئيسيا له.
وانطلقت في وقت سابق شرارة احتجاجات شعبية في مدينة تعز رُفعت خلالها شعارات منذرة بتفجر ثورة جياع، قبل أن تنتقل الشرارة إلى محافظة حضرموت بشرق البلاد حيث شهدت مدينتا الشحر وغيل باوريز تظاهرات مندّدة بصعوبة الظروف المعيشية وتردي الخدمات.
ولا تمتلك الشرعية اليمنية الكثير من الخيارات لوقف مسار الأزمة بسبب افتقارها للموارد بعد أن خسرت المورد الأهم وشبه الوحيد للعملة الصعبة بتوقف تصدير النفط إثر استهداف الحوثيين لمنْفذي تصديره ميناء الضبة في حضرموت وميناء النشيمة في شبوة.
وفاقم من الأزمة بروز ظاهرة احتفاظ المحافظات بمواردها وامتناعها عن تحويلها إلى البنك المركزي، بذريعة استخدامها محليا في تبلية متطلبات السكّان.
ولا تخشى الشرعية اليمنية فقط من تأثيرات الأزمة على علاقته بالشارع في مناطق سيطرتها، ولكنها تخشى بالقدر نفسه على تماسكها الداخلي إذ تعلم أن صبر شريكها الأساسي المجلس الانتقالي الجنوبي على الأوضاع في مناطق نفوذه بالجنوب بدأ ينفد. ولا يريد الانتقالي رؤية الأوضاع الاجتماعية في الجنوب تسير نحو المزيد من التوتّر بما يهدد شعبيته باعتباره شريكا في الشرعية.