تحليل بريطاني يحذر من جولة صراع جديدة بين الحوثيين وإسرائيل في الشرق الأوسط
توقع، تحليل صادر عن المعهد البريطاني للدراسات "تشاتام هاوس"، عودة الهجمات المتبادلة بين الاحتلال الإسرائيلي وجماعة الحوثي المصنفة دولياً في قوائم الإرهاب، رغم إعلان وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
ووفق التحليل، فإن لدى الحوثيين رغبة ظاهرية في التهدئة، إلا إنهم لن يبلغوا ذلك، إذا استمرّت إسرائيل في حملتها لتقويض جماعات مرتبطة بإيران ضمن ما يُعرف بمحور المقاومة.
ويرى أن تداعيات اتفاق وقف إطلاق النار في غزة يتجاوز الحدود الفلسطينية ــ الإسرائيلية، حيث يشمل بُعدًا استراتيجيًا في الشرق الأوسط، ويؤثر بشكل رئيسي على علاقة إسرائيل بالحوثيين.
وقال إن الحوثيين قد يسعون لتقليص التصعيد، في حين يعتقد أن إسرائيل من غير المرجح أن تتراجع عن حملتها لمنع الجماعة من الظهور كتهديد مماثل لحزب الله سابقًا.
ومنذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس بغزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تحولت جماعة الحوثيين المدعومة إيرانيًا إلى طرف في المواجهة الإقليمية، بعد أن أعلنت الانخراط العسكري تحت مزاعم "نصرةً فلسطين.
غير أن هذا الانخراط سرعان ما اتخذ بُعداً يتجاوز الدعم الرمزي، مع تنفيذ الجماعة مئات الهجمات بالصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، إلى جانب مئات الهجمات البحرية التي استهدفت السفن التجارية في البحر الأحمر وخليج عدن، بذريعة ارتباطها بإسرائيل.
وخلال العامين الماضيين، نفذت الجماعة - وفق ادعاء زعيمها عبد الملك الحوثي - أكثر من 228 هجوماً ضد سفن تجارية، تسببت في غرق 4 سفن وقرصنة خامسة، إضافة إلى مقتل 9 بحارة، فيما لا يزال 12 بحاراً محتجزين حتى اليوم.
وأدت هذه الهجمات إلى إرباك حركة التجارة العالمية وارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، وسط تحذيرات دولية من أن أكثر من 55 دولة تأثرت مصالحها جراء التصعيد الحوثي في أحد أهم الممرات الملاحية بالعالم.
وفي حين لم يكن للهجمات المباشرة باتجاه إسرائيل أي تأثير عسكري باستثناء مقتل شخص في تل أبيب جراء انفجار مسيرة بشقته في 19 يوليو/تموز 2024، إلى جانب بعض الإصابات في هجمات أخرى، فإنها مثلت إشغالاً للدفاعات الإسرائيلية، فضلاً عن التسبب في تفعيل الإنذارات وتعليق حركة الطيران من وقت لآخر.
مع تصاعد خطر الهجمات الحوثية، ردّت إسرائيل بـ18 موجة من الغارات الجوية ابتداء من 20 يوليو/تموز 2024 وحتى 25 سبتمبر/أيلول 2025، استهدفت خلالها مواني الحديدة ومطار صنعاء ومنشآت طاقة ومصانع إسمنت ومقار أمنية وعسكرية خاضعة للجماعة.
وكان أبرز الضربات الإسرائيلية على صنعاء في 28 أغسطس/آب الماضي، حين قُتل رئيس حكومة الحوثيين أحمد غالب الرهوي و9 من وزرائه.
كما استقبلت الجماعة نحو ألفي ضربة أميركية شاركت في بعض موجاتها بريطانيا ابتداء منذ يناير/كانون الثاني 2024، وحتى مايو/أيار 2025، حيث توسطت سلطنة عمان في اتفاق أوقف الرئيس ترمب بموجبه الحملة الواسعة ضد الجماعة في مقابل تعهدها بعدم مهاجمة السفن الأميركية.
وفي أحدث إحصائية، قالت الجماعة الحوثية إن الضربات الغربية والإسرائيلية تسببت في مقتل وجرح 1.676 شخصاً من المدنيين، من ضمنهم 319 قتيلاً، لكن الجماعة تواصل التعتيم على خسائرها العسكرية جراء هذه الضربات.
وإذ تتهم الحكومة الشرعية الحوثيين باستخدام القضية الفلسطينية للتملص من استحقاقات السلام وتنفيذ أجندة إيران في المنطقة، تسود المخاوف على الصعيد اليمني من أن تلجأ الجماعة إلى تفجير الوضع الميداني داخلياً بعد اتفاق وقف النار في غزة، وبخاصة بعد أن تمكنت من تعبئة وتجنيد مئات الآلاف من السكان الخاضعين لها خلال العامين الماضيين.