فمنهم من قضى نحبه
محمد بالفخر
منذ احتلال أرض فلسطين العربية الاسلامية من قبل العصابات الصهيونية بدعم دول الغرب المسيحية المتصهينة قبل خمسة وسبعون عاماً وأبناء فلسطين لم يُفرِّطوا بأرضهم ولم يجبنوا عن مقاومة الاحتلال الصهيوني، وإن جنحت بعض مكوناتهم السياسية لخدعة أوسلو إلاّ أن فصائل المقاومة وثوار الخنادق شقّوا طريقهم بعيداً عن سياسيي الفنادق وساروا على طريق التضحية والفداء الطويل لاستعادة أرضهم ونيل حريتهم واستقلالهم،
صحيح أن طريق الحرية واستعادة الكرامة وعرٌ وشاق والتضحيات المبذولة خلاله جسيمة لا يقدر عليها إلا الرجال المؤمنون الصادقون الذين وصفهم الله في كتابه العزيز ومنحهم صفة الإيمان والرجولة والصدق في قوله تعالى ((مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا))
فليس من اليسير أن ينذر شخص نفسه للمقاومة وهو يعلم أن الثمن سيكون حياته أو حياة أبناءه و أهله وماله وفي المقابل بإمكانه أن يسلك طريق المهادنة وما سيجنيه منها من رخاء وثراء وترحاب شرقا وغربا ولا بأس له ببعض التصريحات النارية يجمل بها وجهه و يلقيها كعلفٍ يلوكه أصحابه والمخدوعين به.
على مدار التاريخ الإنساني ومن خلال ما قرأناه أو سمعناه لم يحدث أن تحررت بلد من استعمار بخطابات القادة ولا بهرطقات من نصبوا أنفسهم أو نصبهم المحتل ذاته زعماء على هذا البلد أو ذاك،
من حرر الأرض وطرد المستعمر هم شجعان حملوا السلاح يسندهم رجال حملوا الفكر واللسان والبيان فكل يقاتل من مكانه هذا بضرب القتاد وذاك بسهم المداد. وقد رأينا كذلك في المنظور القريب حرب تحرير فيتنام من أكبر قوة في العالم ولن أسرد قصصا كثيرة فالتاريخ القريب والبعيد مليء بها وللأسف تقريبا معظم أطماع الاستعمار كانت من نصيب العالم الإسلامي عامة والعربي خاصة وفي كل النهايات كان القول للسلاح والمقاومة لا للشعارات والرفض المخملي الذي انتهجه البعض،
وقد خلد التاريخ أسماء عظيمة روت بدمائها أرض بلادها ولا ننسى حملة القلم وقادة الفكر الذين كان لهم الفضل في صناعة تلك القيادات العسكرية والسياسية فكلهم تتلمذ على يد عالم مستنير مجاهد، ولا أريد أن يطول بي السرد هنا وسأعود للمقاومة الفلسطينية التي لم تشذ عن هذه القاعدة فمنذ الشرارة الأولى للانتفاضة والثورة على الاحتلال الصهيوني كان للعلماء والمفكرين اليد الطولى فهم أول من تقدم وهم أول من أسس وبذر البذور الأولى ومع تطاول السنين أينع الغرس واشتدّت السواعد وكبر الصغار الذين نشأوا جيلا بعد جيل على تشرّب روح المقاومة ومن الحجر إلى الصواريخ والعبوات وغداً لا ندري ماذا سيرينا رجال الرجال.
في كل هذه المحطّات تلقّت المقاومة ضربات حسبها العدو قاصمة الظهر والمجهزة على المقاومة فكم اغتال العدو من عباقرة ومهندسين وقادة ورجال فكر وكوادر ظنّاً منه أن العجلة ستقف وما علم أن المقاومة لم تقم على تأليه شخص ولا على مجموعة إن ذهبت ذهب المشروع برمّته بل على خطط وبدائل ومشاريع حقيقية من ارتقى شهيدا نبت غيره عشرة وهذه سنة الله وحكمة من حكمه البالغة فمن مد لله يدا أمده الله بحبل وبأيدٍ من عنده، ومن رحمته لم يجعل مصير أمة ولا رسالة ولا أحد ولا شيء في العالم متعلق ببقاء شخص أو رحيلهو إلا لكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى بالخلود وهو الذي توفي ورسالة الإسلام في المهد ثم ماذا حدث؟ امتد الإسلام وانتشر شرقا وغربا.
سأعتبر كل ما كتبته مقدمة لأقول في الختام رحم الله الشهيد صالح العاروري وتقبله في الشهداء مع الأنبياء والصالحين وحسن أولئك رفيقا والسلام على كل حر في هذا العالم أيا كان جنسه ودينه.
خاتمة شعرية:
للشاعر فيصل الشرف
وا أمتاه الصمت قد أردانا
إنا سئمنا الجور والطغيانا
سفك العداة دماءنا في غزة
والغرب قد كانوا لهم أعوانا
والغرب للمحتل يهدي مدفعا
كي يقتل الاطفال والنسوانا
آن الأوان لأن تجيب فعالنا
فرجال غزة زمجروا طوفانا
لبيك يا أقصى دوي حناجر
لم ترتضِ الإرهاب والعدوانا
ستظل في نبض الشعوب قضية
تستنهض الأرواح والوجدانا