الشرعية اليمنية بين أقدار لطف الله وتحديات استعادة الدولة وبنائها

الشرعية اليمنية بين أقدار لطف الله وتحديات استعادة الدولة وبنائها

د. عبده المغلس

خلق الله الإنسان، وميزه عن مخلوقاته، وجعله خليفة في الأرض، وخلق له من الأسباب، والتسخير، والتمكين، والرعاية، والحماية، والتحصين، ما يجعله قادراً على ممارسة دور العبادية والاستخلاف، بجدارة ومقدرة ومعرفة، وخَلْقُ الله للإنسان واستخلافه، قائم على مبدأ حرية الإنسان، وقبوله لأمانة الحرية، في خياراته وقراراته، بدأً من أصغر الأشياء، لأعظمها الإيمان والكفر، فألهم الله النفس الإنسانية فجورها وتقواها، وزوده بفؤاد وحواس تستقبل معارف الوجود، وبعقل يُقَلّبْ الأمور ويعقلها، ليتخذ خياراته، وبهذا تمت تسوية النفس الإنسانية، واسجد لها ملائكته، وسَخَّرَ للناس كل مافي السموات والأرض وما بينهما، تسخيراً لم يختص به المؤمنين من خلقه فقط، بل لجميع عباده، المؤمنين منهم وغير المؤمنين، فلم يستجب لدعوة نبيه ورسوله إبراهيم عليه السلام حين طلب الرزق للمؤمنين من ابنائه، بل جعله للكافرين أيضاً، وحين قدر سبحانه أقوات الأرض قدرها للسائلين بقوله تعالى "سواء للسائلين" لكل من سأل عنها، مؤمن أو كافر أو ملحد، وأورث أرضه عباده الصالحين بغض النظر عن معتقدهم، ورافق رحلة تطور الإنسان وخلافته، إرسال رسله وأنبيائه، حاملين لهم "دين الله" بكتبه، منهج ونظام لحياتهم في الدنيا والأخرة، محدداً فيه علاقتهم بالله، والمؤمنين وغير المؤمنين، والوجود، حتى أتم دينه وأكمله بكتابه الخاتم "القرآن" ورسوله ونبيه الخاتم "محمد" عليه الصلاة والسلام.

ولم يكتف الله سبحانه بكل ذلك لخلقه، إذ أضاف سبحانه لهم، تدابير رحمانية، يُنْزِلُ بها رحمته على عباده، وبها يتجلى خير مكر الله، ضد مكر الشر الذي تزول منه الجبال، وبهذه التدابير الرحمانية بقانوني اللطف والتدافع، يطفيء الله نيران الحروب التي يشعلها إبليس وجنده.

هذه التدابير الرحمانية نجدها في الحرب اليمنية، التي أشعلتها عنصرية الشيطان وطاغوت الإمامة، بتمرد المليشيات الحوثية الارهابية، المدعومة من إيران، على شرعية الدولة اليمنية ومشروعها الاتحادي، إذ قيض الله لليمن تحالفاً داعماً للشرعية اليمنية، مستجيباً لدعوة فخامة الرئيس السابق عبدربه منصور هادي، الذي سلم راية الشرعية، لفخامة الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي، ومعه أعضاء مجلس القيادة الرئاسي، فكان خير خلف لخير سلف، فاكتملت تدابير الله وأقداره، لنصرة اليمن، بشرعية، ومشروع، وتحالف داعم.

وساقت الأقدار فخامة الدكتور رشاد محمد العليمي، لقيادة الدولة اليمنية، في لحظة تاريخية لمواجهة طاغوت عنصرية إمامة ولاية الفقيه الحوثية، واستعادة مؤسسات الدولة من المليشيا الحوثية الإرهابية سلماً أم حرباً. 

ومن يتابع سيرته ومسيرته، يجده في مسار اللحظة القدرية لألطاف الله باليمن، فهو لم يأتي عبر جيش، او مليشيا  أو قبيلة، بل عبر أقدار الرحمة الرحمانية، التي ساقته لخلاص اليمن من محنته ونكبته ومأساته.

لقد اختار تلبية لطف أقدار الله باليمنيين، ليكون ضمن مسارها ومسيرتها، وتحمل بموجب لحظته التاريخية، مسؤوليته لرئاسة الدولة، فبدأ مسيرة مشروع إنقاذ اليمن، الوطن والشعب، والدولة والمشروع، والثورة والجمهورية، وبدأ سيره بمشروع الإنقاذ، بطيئاً حذراً حصيفاً، في حقول ألغام التآمر والخلاف، مواجهاً تعدد الولاءات، التي أشعلتها الحرب الأهلية، وحرب العنصرية الإمامية، بأداتها الحوثية، هذا السير في حقول الموت، اعتمد وراهن فيه فخامة الرئيس العليمي، على أمور أربعة: الأول: توفيق لطف الله وأقدار رحمته،  والثاني: خبرته التراكمية  كرجل دولة متميز، تدرج في مواقعها المختلفة الأمنية، والعسكرية، والسياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والاستشارية، مضيفاً لذلك خبرة معرفية وعلميّة أكاديمية متمكنة، حصل بها على درجة الدكتوراه، والثالث: ثقته برفاق دربه اعضاء مجلس القيادة الرئاسي وعلاقته المتميزة بهم، وعلاقته بالمخلصين من رجال الشرعية وجيشها الوطني ومقاومتها، والرابع: ثقته وعلاقته المتميزة بقيادة دول تحالف دعم الشرعية، وعلاقته بدول الإقليم والعالم.

وهذا السير والمسار، لإخراج اليمن من محنته، سلماً أو حرباً من وجهة نظري،  يرتكز على أقدار الله التي لطفت باليمنيين، فساقت لهم قيادة متميزة، بقيادة فخامة الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي ورفاقه في مجلس القيادة، تعمل بجهد واقتدار لإنقاذ اليمن، وجيشاً وطنياً ومقاومة شعبية، يؤمنان بالشرعية والمشروع، والثورة والجمهورية، والتحالف لاستعادة دولة الجمهورية، وتحالفاً داعماً بقيادة المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، يؤمنان بأن اليمن جزء من محيطه الخليجي ومصيره ومستقبله، جميعهم في خندق واحد لمواجهة خطراً يستهدف اليمن والإقليم واقتصاد العالم.

ومن متابعة سير ومسار فخامة الرئيس العليمي، أزداد يقيناً بقرب الخلاص والنصر، وصدق المسار، فقراراته قوية وحصيفة ومدروسة، بدأً بخياره للسلام المستدام كطريق للإنقاذ، مشروط بإيمان المليشيا الحوثية به ،خياراً لدولة الجمهورية والمواطنة المتساوية، وارتكازه على مرجعياته وثوابته الوطنية المتعارف عليها، مروراً بقراراته لبناء مؤسسات الدولة واستعادتها التي اتخذها، من أول قرار اتخذه، لقراراته بالأمس، بقرار دمج كل الأجهزة الأمنية المختلفة بالجهاز المركزي لأمن الدولة الذي صدر به قرار رئيس مجلس القيادة الرئاسي القائد الأعلى للقوات المسلحة لإنشائه برقم ( ٥ ) لسنة ٢٠٢٤ م، وكذلك قرار رئيس مجلس القيادة الرئاسي رقم ( ٦ ) لسنة ٢٠٢٤ م، بإنشاء جهاز امني متخصص يسمى جهاز مكافحة الإرهاب، وقرار رئيس مجلس القيادة الرئاسي القائد الأعلى للقوات المسلحة رقم ( ٧ ) لسنة ٢٠٢٤ م بتعيين اللواء شلال علي شايع هادي رئيسا لجهاز مكافحة الارهاب.

هي خطوات ثابته يقوم بها فخامة الرئيس العليمي، وفق خياراته الواعية، وإدراكه لأقدار الله، مواجهاً تحديات مكر الشر، ومكر المشاريع الخاصة، في صفوف الشرعية وصفوف اعدائها، تهدف أولا: لتوحيد الصف الجمهوري بمختلف مكوناته، المقاومة والمواجهة لمشروع الإمامة، ومليشياتها الحوثية الإرهابية، وثانياً: لبناء مؤسسات الدولة، واستعادة مؤسساتها المخطوفة.

وهنا يبرز السؤال الأهم، الذي يواجه مكونات الشرعية وأحزابها، المؤمنين بها، وباليمن شرعيةٍ ومشروع، وثورةٍ وجمهوريةٍ وتحالف، ما هو الموقف والدور؟

هل نقف من الشرعية اليمنية بقيادة فخامة الرئيس العليمي، موقف قوم موسى الذين لم تؤثر فيهم ولم تغير قناعاتهم، أعمال الفرعون وملائه، من البلاء العظيم، باستحياء النساء وذبح الأبناء، كما لم تؤثر فيهم ولم تغير قناعاتهم، المعجزات التسع لموسى من اليد لانفلاق البحر، ووقفوا موقفهم السلبي الذي مثلته مواقفهم، وطلبهم من موسى، أن يجعل لهم إله مثل إله القوم الذين عبروا لأرضهم، بعد خروجهم من اليم سالمين وغرق عدوهم، وموقفهم باتخاذ العجل إلهاً لهم، وموقفهم برفضهم دخول القرية واعدائهم فيها،  بقولهم لموسى كما وصف الله  ﴿قَالُوا۟ یَـٰمُوسَىٰۤ إِنَّا لَن نَّدۡخُلَهَاۤ أَبَدࣰا مَّا دَامُوا۟ فِیهَا فَٱذۡهَبۡ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَـٰتِلَاۤ إِنَّا هَـٰهُنَا قَـٰعِدُونَ﴾ [المائدة ٢٤].

فاختاروا عدم مناصرة قضية خلاصهم، من طغيان الفرعون، واختاروا دور السلبية، من قيادتهم وقضيتهم، وعدم الدخول للعودة والتمكين، فكان حكم الله عليم بالغضب واللعنة، والتيه، وحرمان العودة لوطنهم.
 
أم نقف من الشرعية وقيادتها موقف النصرة كسحرة الفرعون، عندما شاهدوا الحق، فاختاروا الوقوف معه، ومع خلاصهم من الفرعون وطغيانه، مهما كان الثمن الذي يجب دفعه، للوقوف مع الحق وقوله، والجهاد له، والموت في سبيله.

أم نقف موقف النفاق ونكون رهائن لمصالحنا التي نخاف زوالها، والتي هي حتما زائلة لو انتصرت الإمامة، والواقع يؤكد ذلك.

لنكن من عباد الله الصالحين، الذين يختارون خياراتهم، وفق منهج الله ودينه، لا خيارات الوهم والباطل والظنون، ليكن خيار المؤمنين بالشرعية ومشروعها وباليمن الثورة والجمهورية، خيار نصرة الشرعية اليمنية، بقيادة فخامة الرئيس رشاد العليمي، لاستعادة كامل الدولة، ولنواجه معا تحديات الإمامة لإسقاط دولة الثورة والجمهورية، ولا نكن من ضمن التحديات المعيقة للشرعية اليمنية، بتفرقنا، والوقوف مع مشاريعنا الخاصة، متوهمين أنها الخلاص.

لنقف موقف النصرة والانتصار، بخياراتنا مع قيادتنا، ليتحقق النصر والاستقرار والاستخلاف.

لنقف موقف سحرة الفرعون مع الحق ، لا موقف قوم موسى بالفرجة والخذلان.

فما هو خيارنا الواعي الذي سنتخذه هل هو خيار الخروج من تيه ظنون المشاريع الممزقة للصف والدولة، وعدم الوعي بخطورة الإمامة الحوثية أم خيار النصرة؟

لنتخذ خيار نصرة الشرعية ودولتها الاتحادية، دولة الثورة والجمهورية، والمواطنة الواحدة المتساوية، ولا يجب  أن يكون خيارنا التيه والخذلان، للشرعية ودولتها ومشروعها وتحالفها، فهو سيكون  خيار هزيمتنا كشرعية وشعب ودولة ومشروع. 

جمعتكم خيار للشرعية ودولتها ومشروعها وتحالفها.