الكهرباء وعادت حليمة لعادتها !

الكهرباء وعادت حليمة لعادتها !

عبدالعزيز صالح جابر

الصيف و ما أدراك ما الصيف! بدأت ارهاصاته مبكرة هذا العام ،
فمع تباشيره عادت الكهرباء لعادتها القديمة في حضرموت ساحلا وواديا بزيادة ساعات الطفي ، ففي الوادي وصلت لساعات طويلة ، وانكشف الحال بعد خروج منظومة محطة الكهرباء الغازية التي تديرها وتشغلها شركة بترومسيلة نظرا لدخول منشاءات الغاز في قطاع 10 مرحلة الصيانة الدورية الشاملة وبذلك عاش الوادي في ظلام دامس.

أزمة انقطاع الكهرباء لساعات طوال بوادي حضرموت خلال الاسبوع الماضي أربكت الحياة اليومية بصورة راكمت في الشارع احتقانا بالغ الخطورة فوق ما فيه من أنين وغضب بأثر ارتفاعات الأسعار بصورة غير مسبوقة، فارتفعت الأصوات الغاضبة في الشارع والمنتديات العامة والخاصة وفي وسائل التواصل الاجتماعي ،وذهب الكثير وعبر بعض المواقع الاليكترونية وصفحات (السوشيال ميديا) إلى رمي تهمة اسباب هذه الانقطاعات لشركة بترومسيلة دون غيرها ، مع كيل جملة من التهم الباطلة والتي يدحضها الواقع ، وكانت هذه الحملة ضد الشركة ونعتها باقبح الصفات هي فقط لغرض في نفس يعقوب وليس للبحث عن اس واساس المشكلة وايجاد الحلول المستدامة لها ، فمشكلة الكهرباء  ليست في بترومسيلة ، لكن فيما كشفته هذه الازمة خاصة وبقية ازمات الكهرباء في حضرموت وغيرها من المناطق المحررة من أوجه خلل فادحة في بنية الأداء العام لمن يدير هذا القطاع ، ومدى كفاءة إدارة شؤون محطات مؤسسة الكهرباء بشكل عام سواء الحكومية او الطاقة المشتراة  .
 
على مدى فترة الانقطاعات أحجمت السلطات العامة عن إبلاغ مواطنيها بالأسباب الحقيقية للانقطاعات المفاجئة والمتكررة، التي
لم يكن أحد مستعدا أن يتحمل مسئولية إعلان الحقيقة على الرأي العام المحبط خشية أن يكون في ذلك تشكيكا في ادائه ،لم يكن أحد مستعدا أن يخاطب الرأي العام هل هي حقيقة أزمة الوقود ،أو
أو ازمة قدرات التوليد ، أو تهالك المحطات الحكومية ؟! ،لم يكن أحدا مستعدا أن يخاطب الرأي العام من يتحمل تاخير تنفيذ مشروع خطوط الضغط العالي  من المحطة الغازية في خرير قطاع 10 لمحطة قريو ومشروع المحطات التحويلية والتي اعلن عن تدشين العمل فيها قبل عامين؟! كذلك من يتحمل مسوؤولية تنفيذ مشروع الكهرباء الغازية 100 ميقا التي اعلنت مع محطة عدن والتي تم انجازها ؟! ومن يعرقل مشروع كهرباء حضرموت الغازية 500 ميقا؟! ،هذه التساؤلات التي يجب ان يفتح النقاش فيها لمعرفة من يتحمل مسؤوليتها وكيف نواجهها؟! فليس من العدل البحث عن كبش فداء لأزمة انقطاعات الكهرباء وتعليق المسئولية كلها في رقبة بترومسيلة وحدها ، وهي بريئة برائة الذئب من دم ابن يعقوب ، فالكهرباء خدمة تقع ضمن مسئولية الحكومة الشرعية لتوفيرها للمواطنين، لكن هل اوفت هذه الحكومة بتوفيرها  وقامت بهذه المسئولية الكبيرة ووفرت الدعم المالي ليغطي نفقات توفير الكهرباء، إنتاجاً وصيانة وتطويراً، استجابة لحاجة المواطن؟!.

من واقع المعاناة في حضرموت وتأكيد السلطة المحلية بتنصل الحكومة عن الوفاء بالتزاماتها فيما يتعلق بقطاع الكهرباء ، خاصة توفير الوقود وتمويل عمليات الصيانة ودفع حقوق شركات الطاقة المشتراة ، مما اثقل كاهل السلطة المحلية بحضرموت وحملها اعباء فوق طاقتها ، وهذه من مسببات وتفاقم  المشكلة وهناك الكثير ممن يلمون بكافة الحقائق لكنهم لا يجرؤون على الاقتراب منها، أو عرضها على الرأي العام صاحب الحق الأول فيها، وهذا يرجع لغياب الشفافية والمصارحة، لانه للاسف أنه عند كل منعطف لم يكن أحدا مستعدا لتحمل قسطه من المسئولية، فهناك معاندة مع الحقائق، حتى أحكمت الأزمة حلقاتها على عنق المواطن الذي يدفع الثمن باهضا .

ومن قراءة موضوعية نستنتج أن أزمة الكهرباء هي أزمة مركبة لها اسباب متعددة يأتي في مقدمتها "الفساد وسوء الإدارة وانعدام المساءلة" بحسب تقرير  "مركز موارد مكافحة الفساد" (U4) وهو مؤسّسة أكاديمية وبحثية مقرّها النرويج"، ولضمان الخروج من هذه الازمة فالواجب معالجة أسبابها ومغادرة مربع المركزية المقيتة ومنح المحافظات صلاحيات كاملة مع فتح المجال أمام الشركات الوطنية شركة  (بترومسيلة )  و( شركة وايكوم ) استثمار كميات الغاز في القطاعات النفطية لاقامة محطات كهرباء غازية تغطي المحافظات الشرقية والجنوبية عبر شراكات مع شركات استثمارية عالمية اختصاصية في مجال الطاقة بدعوة هذه الشركات مع اعتماد الشفافية عند ابرام العقود معها وهذا يتطلب شجاعة من الحكومة ولعل دولة الدكتور / احمد عوض بن مبارك رئيس مجلس الوزراء خير من يتبنى هذا التوجه ويبدأ به عهده وهو ما ينتظره منه المواطن ، فهل يفعل ذلك ؟! .