#دولة_المنوِّم

#دولة_المنوِّم


فتحي بن لزرق

قبل عدَّة أيّام، زارني شخص يعمل في مجال البنوك والصرافة إلى مكتبي.
جلسنا نتحدّث عن أسعار الصرف وأسباب انهياره، وكان يهمّني: لماذا ينهار الريال بسرعة الصاروخ؟
قال لي: "أنا باعطيك ملاحظة غريبة عجيبة في موضوع انهيار أسعار الصرف في مناطق الشرعية؟"
قلت: "ما هي؟"
قال: "والله لن تصدّقها لغرابتها!"
قلت له: "هات، سنُحاوِل..."
قال: "عمرك شفت انهيار لأسعار الصرف صباحًا؟ يعني عمركم نشرتُم خبر عن انهيار سعر الصرف ما بين ٧ الصباح إلى ١ الظهر؟"
تأمّلت... الإجابة كانت غريبة عجيبة فعلًا، وفعلاً بالواقع عمر الصرف ما انهار بين هذه التواقيت!
واصل الرجل حديثه قائلًا: "أتحدّاك تجيب لي يوم انهار فيه سعر الصرف بهذا التوقيت؟"
سألته: "حسنًا، ما هي الأسباب؟"
قال: "السبب غريب وعجيب جدًّا، وهو أن جميع الصرّافين المُضاربين بالعملة ينامون عند السادسة صباحًا، ويصحون عند الرابعة عصرًا، ويتغدّون ويبدؤون التّخزينة، ويباشرون عمليات المُضاربة بالسعر...
هذا يحقّق ٧٠٠ ألف ريال سعودي بضربة واحدة، هذا مليون، هذا اثنين... ما يجي الفجر إلا والحساب فيه ٤ إلى ٥ مليون ريال سعودي فارق سعر صرف."
قال الرجل كلامًا طويلًا جدًّا، مختصره: أن مجموعة من الصرّافين في مناطق الشرعية يقومون بكل هذا العبث الذي تتعرّض له العملة منذ سنوات، ويتحمّلون ما نسبته ٨٠٪ من أسباب الانهيار.
قال الرجل إن هذه الأعمال غير مُمكنة في مناطق سيطرة "الحوثيين"، وإن أيّ مضارب بالعملة سيجد نفسه في السجن خلال ٢٤ ساعة.
قال الرجل أشياء كثيرة تُدمي القلب، بينها أن صرّافين كُثُر أهملوا محلات صرافاتهم في صنعاء، وفتحوا أُخرى في عدن فقط للدخول في سوق المُضاربة الكبير والكبير جدًّا هذا.
وقبل أن يمضي، سألته سؤالًا أخيرًا...
والحلّ يا أخي؟
قال الحل: "إما دولة تسوق أبتهم الصرّافين سجن المنصورة، ومتى ما شاف الصرّافين بعضهم داخل السجن سيرتدعون، وإما الشعب يشتري لهم منوِّم يواصلون نومهم لآخر الليل... غير كذا مافيش حلول!"
كيف تشوفون حل "المنوِّم" هذا؟ طالما مافيش دولة؟
فتحي بن لزرق
١٥ يوليو ٢٠٢٥