أنين الظلام.. وحكايات العذاب في وطن بلا ضوء

ماهر باوزير
في تلك الليالي الحالكة، حيث يصير السواد أكثر من مجرد غياب للنور، يعيش المواطنون حكاية عذاب لا تنتهي. إنها قصة ترويها ألسنة الأطفال الذين احترقت براءتهم بحرارة الغرف المغلقة، وأجساد كبار السن التي لم تعد تتحمل وطأة الأيام الطوال في الظلام الدامس. هي أنين المرضى، هؤلاء الذين بات الألم رفيقهم الدائم في كل لحظة انقطاع للتيار الكهربائي.
الكهرباء لم تكن مجرد أسلاك تنير البيوت، بل هي شريان حياة يغذي نبضات القلوب، يحفظ بريق الأمل في عيون الشباب، ويحمل في ذراته قوة تدير عجلة الحياة اليومية. لكنها الآن، أصبحت سلاحًا يضرب أرواح الناس، سلاحًا صامتًا لكنه قاتل.
الأعمال تتعطل، والآمال تتلاشى في ظلمة اليأس. المحطات تنتظر وقود الديزل الذي لا يصل، كما ينتظر الإنسان في هذه الأرض بصيص نور يزيح عنه جبال الهموم. فما الذي يمكن أن نقوله لأولئك الذين أضحوا رهائن للظلام؟ أطفالهم ينامون بلا أحلام، وكبارهم يصارعون الألم في صمت.
هذا التعذيب الممنهج ليس مجرد صدفة، بل هو نتيجة لسياسات تتجاهل حياة الناس، لقرارات تجعل من الشعب رهينة للأزمات. وبينما يتعذب الناس، تتعطل مصالحهم وتنهار حياتهم، يظل السؤال: إلى متى سيظل هذا العذاب قائمًا؟ وهل سيأتي اليوم الذي تنجلي فيه هذه الظلمات لتشرق شمس العدل والنور من جديد؟
في وطن بلا ضوء، يبقى الألم هو العنوان، والعذاب هو الحكاية التي ترويها كل لحظة انقطاع للتيار الكهربائي.