هل يلاقي مشروع الانفصال نفس مصير الوحدة؟

عبدالقادر زايد
الأسباب ذاتها التي رُفض بها مشروع الوحدة قبلاً، تتحقق راهناً في واقع ما يبدو أنه قد آل إلى شبه دولة جنوبية مستقلة. إنه أمل جديد مصحوب بتلك التجربة القديمة ومكرس ليكون مثلها.
تبدو الدولة الجنوبية المستقلة، ممارسة يومية تُستَحضر وبحذافيرها، في بواعث الرفض لانتفاضة الأمس المناوئة تماماً لما قد أصبح اليوم ذهنيتها ومنهاجها: الوحدة.
تلك الاختلالات التي أبطلت منجز الأمس تتنفس الآن في حلم اليوم، وتعتور جسد النخبة الانفصالية الجديدة، وبذات القدر من التحدي والعزم، الذان كانا لها في أزمنة حراكها البعيد حين كانت لم تزل ثورة سلمية، وقبل أن تتحول مؤخراً إلى سلطة حاكمة ومشروع وطن جديد.
لإدارة الانفصال وهي تتجسد كسلطة حاكمة، من أسباب وذرائع الفشل، ما لإدارة الوحدة ذاتها حين تبلورت إلى حالة وطنية متعثرة وزائغة ذات يوم؛ فلماذا لا يخسر الانفصال الآن شرعية وجوده هو الآخر مثلما حدث للوحدة قبلاً، بعد أن زالت الفوارق بينهما، وأضحت ظروف كلا منهما متطابقة..؟ سؤال ينبغي الإجابة عنه بشجاعة وبمنطقية.
إن إرادة الانفصال كانت أقوى وأكثر تأثيراً في الماضي عندما كانت حالة رفض عفوية تتصعيد اخفاقات الوحدة وتتّبع زلاتها، مما تبدو عليه اليوم. ذلك أن التسوّيغ لهذا المشروع بالاعتماد على تلك الاخفاقات وحدها لم يعد كافياً لإثارة وسلب أفئدة الجماهير، إذ أصبحت أكثر تطلباً، والاشتراطات تبدو الآن من نوع مختلف..؟
أنظر إلى النموذجين معاً لترى كيف أنهما تبدوان شيئاً واحداً، هو هو أو هي هي، محملين بالإرث نفسه، لهما نفس الخصائص والسمات، ولهما طابع مماثل في التفكير والتوجه والإدارة والمسلكيات... فهل من الحق أن يرفض أحدنا الانفصال كما رفض الوحدة قبلاً، طالما أن الجذور واحدة والنتائج مُتطابقة..؟ هذا سؤال آخر، يبحث عن إجابة شجاعة وصميمية.
أي شرعية تبقت لمشروع الاستقلال/ الانفصال إن كان قد أصبح في تجلياته الأخيرة مشابهاً لنموذج الوحدة العاثر نفسه، مبشراً بمصير مشابه، ومنتجاً لوقائع واحدة..؟ هل من إجابة حقيقية!