حضرموت .. ارهاصات ومسارات وتحديات
ماهر باوزير
لم يعد للحديث عن التاريخ والجغرافيا أي قيمة في حضرموت بعد تردي الوضع الاقتصادي وتراجع دخل الفرد إلى مستويات متدنية لم تشهدها من قبل نتيجة لانهيار العملة المحلية اليمنية وهو ما القى بضلاله على معيشة الناس وفقدان مدخراتهم وبيع مقتنياتهم من أجل الصمود ومواصلة العيش الكريم في حدوده الدنيا والتي لم يخطر على بال أغلب الناس أن يصل بهم الحال إلى هذا الوضع المتردي ؛ يقابل ذلك نرجسية سياسية وشطحات إقتصادية يروج لها تارة السلطات المحلية المتعاقبة و المكونات السياسية التي ترفع يافطة حضرموت عنوانا لتمرير اجنداتها الخاصة وجميعها لا تضع حلولا أو تقدم رؤى أو تغير واقعا بل هي مساهمة وبشكل مباشر او غير مباشر في إيصال الوضع لما هو عليه كونها تبحث عن ذاتها وليس عن حضرموت وتحسين الحياة فيها وانتشال أهلها من واقع الفقر والعوز من خلال إدارة الثروات في أكثر من فرصة اتيحت لمن تصدر المشهد خلال السنوات الأخيرة .
أن ما شهدته حضرموت في تاريخها المعاصر من ارهاصات سياسية لم تفضي إلى تغيير كبير مأمول حتى اليوم بل كل ما حدث وان كانت الشعارات كبيرة والطموحات اكبر في ظاهرها إلا أنها جميعها أتت على مقاسات رموزها وقياداتها مما أفرز نتائج سلبية سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وأصبح الصراع على تصدر المشهد غريبا وغير منطقي ولا عقلاني
حيث تم استغلال ذلك لصالح أجندات إقليمية ودولية ومستغلة أيضا حالة الاغتراب الإجتماعي مابين الدولة والقبيلة إذ أصبحت سياسة ( فرق تسد ) هي العنوان الأبرز للمشهد لكن هذه المرة بتمويلات خارجية بعد أن كانت قبل ذلك محلية بصناعة عفاشية لم تصل إلى نقطة اللاعودة وضرب النسيج الاجتماعي الحضرمي ما ينذر بقتامة المشهد في المرحلة القادمة وعدم وضوح الرؤية لدى أغلب اللاعبين السياسيين في حضرموت بل وصلت الخلافات بين الأطراف الحضرمية إلى ظهور طرف معارض للسلطة المحلية ويعتبر نفسه ندا لها وهو ما لم يحدث من قبل ، كل ذلك التخبط و التوهان سوف يلقي بتبعاته حتما وعلى المدى القريب والمتوسط على مستقبل حضرموت وبخيارات محددة سلفا لا جديد فيها وذلك نتيجة ضعف الانتصاب السياسي لدى القوى السياسية الحضرمية .
أن تحديات المرحلة الراهنة غاية في الصعوبة نتيجة لتداخل الأجندات من جهة وتناينها من جهة أخرى يقابل ذلك صعوبة قراءة المشهد السياسي حضرميا من قبل القوى السياسية الحضرمية و ترك المجال للاعبين الاقليميين في وضح محدداتهم دون الأخذ بتحديات الصراع وتبعاته على المواطن الحضرمي ولو في حده الأدنى.