أين صاحبي حسن
محمد احمد بالفخر
مقدمة شعرية لشاعر الحرية احمد مطر:
زارَ الرّئيسُ المؤتمن
بعضَ ولايات الوَطنْ
وحينَ زارَ حيّنا
قالَ لنا:
هاتوا شكاواكم بصِدقٍ في العَلَنْ
ولا تَخافوا أَحَداً..
فقَدْ مضى ذاكَ الزّمَنْ.
فقالَ صاحِبي حَسَنْ:
يا سيّدي
أينَ الرّغيفُ والَلّبَنْ؟
وأينَ تأمينُ السّكَنْ؟
وأينَ توفيرُ المِهَنْ؟
وأينَ توفيرُ الدّواءَ للفقيرِ دونما ثَمَنْ؟
يا سيّدي
لمْ نَرَ مِن ذلكَ شيئاً أبداً.
قالَ الرئيسُ في حَزَنْ:
أحْرَقَ ربّي جَسَدي
أَكُلُّ هذا حاصِلٌ في بَلَدي؟!
شُكراً على صِدْقِكَ في تنبيهِنا يا وَلَدي
سوفَ ترى الخيرَ غَداً.
منذ شهرين مضت تم اختطاف المقدّم بالجيش اليمني علي عشّال الجعدني من قبل شخصيات أمنية ولم يُعرف مصيره حتى اللحظة، وإن عُرِفَ خاطفوه حسب بيان مدير أمن عدن في الأسبوع الماضي لكن حتى من قام بالاختطاف لم يصل إليهم الأمن وقد فرّوا الى خارج البلاد،
وهم في الأصل يتبعون لأحدى الأجهزة الأمنية المنوط بها حماية الناس وتوفير الأمن لهم،
تلك الجماهير الكبيرة التي توافدت من داخل عدن والمحافظات المجاورة الى ساحة العروض بمنطقة خور مَكْسَر بالعاصمة المؤقتة عدن،
توافدت بطريقة سلمية وحضارية،
وفي حقيقة الأمر هي لم تأتي لتبحث عن المختطف علي عشال لأنها لن تجده في ساحة العروض بطبيعة الحال، ولم تأتي لتعرف أين هو؟ أو ما هو مصيره؟ لأنه حتى مدير الأمن ومن خلال بيانه المصوّر الذي قدمه للناس قبل الفعالية لم يذكر أين هو أو أين مصيره أو هل مازال على قيد الحياة،
بل أتت هذه الجماهير تبحث عن النظام المفقود وعن الأمان الذي لم يعد موجوداً،
أتت تبحث عن الدولة الضائعة التي غابت ولم تعد حاضرة إلاّ في وسائل الاعلام لكنها غير موجودة في واقع الناس،
توافدت هذه الجماهير تضامناً مع اسرة المختطف علي عشّال وتضامناً مع مئات الأسر اللواتي تم إخفاء أبنائها في المعتقلات والسجون السرية أو قد تمّ ترحيلهم بالموت تحت التعذيب الى الدار الآخرة،
هذه الجماهير أوصلت رسالتها للمجتمع المحلي والإقليمي والدولي وإن كانت قد دفعت الثمن بسقوط أحد أفرادها شهيداً وسقوط عدد آخر من الجرحى رووا بدمائهم الزكية طريق العدالة والنظام والقانون المفقود لعلّه يعود الى حياة الناس،
الجماهير لم تعد تتحدث عن هذا المكوّن او ذاك او هذا الفصيل او ذاك أو عن أفكار لهذا الحزب أو الحزب الآخر ولا عن أجندات خارجية فُرِضَت وأصبحت أمراً واقعاً غير قابلٍ للتغيير إلاّ أن يشاء الله ويحدث بعد ذلك أمراً،
عدن المدينة المثالية المدنية الآمنة لم تعد تعرف الأمان بعد أن ابتليت بضنك الحياة المعيشية بعد سوء الإدارة وضعف أو انعدام الخدمات الضرورية مثل التعليم والصحة والكهرباء والمياه، ومن استحواذ غير عادل على الأراضي السكنية او الاستثمارية والتجارية بعد أن سيطرت عليها قوى النفوذ والفيد من طراز جديد فأكلوا الأخضر واليابس ولم تسلم منهم لا متنزهات ولا متنفسات ولا حتى ارصفة بعض الشوارع وبعض الشواطئ وحتى بعض المقابر وصلت اليها أيديهم العابثة فلم يبقوا للمسكين شيئاً وبالتالي تضخمت أرصدتهم البنكية وفاضت الى مشاريع استثمارية في خارج البلاد في مجالات متعددة تحدث عنها القاصي والداني، وانتفخت كروشهم السامية كسمة بارزة لذوي المال والمناصب لتتوافق مع نظرائهم في دولٍ أخرى،
هذا هو الحال الذي وصل اليه اليمن الميمون يمن الايمان والحكمة وكأنّه يراد له أن يكون هكذا،
وأمّا عشال وبقية المخفيين قسرياً نسأل الله ان يكونوا مازالوا على قيد الحياة ويعودون لأهلهم سالمين غانمين كما عاد لأهله وبناته قاتل الطفلة حنين.
ونكمل ما تبقى من قصيدة مطر وخاصة أننا وعدنا في آخر بيت الشطر الأول أننا سنرى الخير غدا.
وَبَعدَ عامٍ زارَنا
ومَرّةً ثانيَةً قالَ لنا:
هاتوا شكاواكُمْ بِصدْقٍ في العَلَنْ
ولا تَخافوا أحَداً
فقد مَضى ذاكَ الزّمَنْ.
لم يَشتكِ النّاسُ!
فقُمتُ مُعْلِناً:
أينَ الرّغيفُ والَلّبَنْ؟
وأينَ تأمينُ السّكَنْ؟
وأينَ توفيرُ المِهَنْ؟
وأينَ توفيرُ الدّواءَ للفقيرِ دونما ثَمَنْ؟
معذرة يا سيدي
وَأينَ صاحبي (حَسَنْ)؟