#حياة_مع_وقف_التنفيذ

#حياة_مع_وقف_التنفيذ


فتحي بن لزرق

قطعًا، هذه ليست اليمن التي نعرفها، هذه بلادٌ أخرى ووطنٌ آخر..
ليس هذا الوطن الذي نحلم به ونتمناه..
كثيرة هي المشاهد التي أدمت قلوبنا، هذا أحدها.
وعلى خلاف ما يُعتقد، ليس الجوع وحده من قتل هذا الرجل، اللقمة ليست وحدها المشكلة..
لا أحد يموت من الجوع، تموت الناس قبل كل هذا من أشياء كثيرة للغاية، أهمها عزة الناس والكرامة.
يموت الإنسان حينما يهون على الناس.
ثمة رجالٌ كثر كالجبال تهاووا خلال ١٠ سنوات مضت، الإنسان اليمني يذوي كشمعة، يذوب كقطعة ثلج، تحاصره المعاناة وتقهره الظروف، تمزق شرايين قلبه كل اللحظات الدامية التي يعجز فيها عن توفير وجبة غذاء لأسرته، أو كسوة، أو قيمة شريط دواء.
اللحظات التي تصطدم نظراته العاجزة بنظرات أطفاله المتأملة خيرًا به.
هذا الرجل المسكين لم يمت في هذه اللحظة التي التُقطت فيها الكاميرا لجثمانه مسجى، هو مات ربما قبل عام أو عامين.
في اللحظة التي تحوّل فيها إلى عاجز، كطفله الصغير، عن توفير شيء ذو قيمة لأسرته، مات.
في اللحظة التي اجتمع فيها على مائدة إفطار فارغة تحاصره نظرات أبنائه، قبل عام وربما أكثر، مات.
في اللحظة التي بات بلا مصدر عيش، وعزّ عليه سؤال الناس.
وليس وحده الذي مات، قطاع كبير من الناس مات، يعيش وسطنا كجثمان، ولا يبقى إلا لحظة السقوط في شارع ما، بجوار جدار ما، بالقرب من مقبرة ما.
بين يوم وآخر، هذا الوطن يذوي، والناس تموت تباعًا، فقط هي ضمائر اللصوص وتجار الحروب حيّة…
هذا الوطن وأُناسه يلفظون أنفاسهم الأخيرة..
البقاء لله..