المحضار .. والدان والألحان
ماهر باوزير
وفي زحمة الصراعات السياسية وطغيان الأنا على المشهد الحضرمي تهل علينا الذكرى الرابعة والعشرون لوفاة سيد الكلمة واللحن والشجن , كيف لا وهو من اطربنا بأجمل الاشعار وأعذب الألحان كمتفرد في الجمع بينهما .
أبدع في ذكر أغلب مدن وقرى ووديان حضرموت في أشعاره وهنا ايضا تفرد آخر لاينافسه غيره عليه ، إذ سهل للآخرين معرفة مناطق لا يعرفونها ولم يسمعوا بها إلا من خلال أشعاره واستطاع توثيق كثير من معالم تلك المناطق ضمن تلك القصائد الجميلة التي لامست مزاج و ذائقة المتلقي بسهولة و يسر حيث تميزت أشعاره وقصائده بأسلوب السهل الممتنع وهي أشبه بالكرة البرازيلية إن جاز لنا التعبير .
لم يخلد شاعرا اخر أصدقاؤه مثلما فعل المحضار بل ذهب إلى أبعد من ذلك حيث خلد اسماء شخصيات وطنية وسياسية و مجتمعية وربطهم بفترات زمنية وأحداث تاريخية وسياسية وإرسال رسائل مشفرة يفهمها من ارتبط بالمحضار وعاش معه عن قرب وما أكثر تلك النماذج , ولم يقف هنا بل خالد زياراته لبعض الدول العربية والأجنبية ونقل لنا صورة واضحة عن مشاعره وما بتنازعه من شوق وحنين للوطن رغم جمال و سحر تلك المدن والعواصم الكبيرة إلا أن بدايات المحضار وصقل موهبته من خلال مساجلات الدان والهبيش وغيرها من ألوان الغناء الحضرمي كان لها الأثر الكبير في تأسيس فكرة حب الوطن والرغبة بالعيش فيه رغم منغصات الحياة اليومية وتأثير الصراعات السياسية التي أخرت الوطن من اللحاق بركب الحداثة والتطور ومواكبة تحسن الأوضاع في المنطقة والجوار العربي وجعلت المحضار دوما ينادي ( قابليني يا سعاد ) .
رحل المحضار ولم ينال التكريم الذي يستحق في حياته ولا بعد وفاته وما يتم من احتفالات سنوية هي بمثابة إسقاط واجب وتسجيل حضور على استحياء لا يبقي أثرا ولا يؤسس لعمل كبير يليق بهذه الهامة الوطنية الكبيرة ، إلا أن المجال لايزال متاحا لإقامة عمل كبير وان تأخر بعض الوقت يتم التحضير له وفق رؤية فنية ثقافية أدبية جامعة يعطى فرصة العمل عليها من هو يستحق ممن لديهم خبرات وقدرات تؤهلهم لتقديم عمل وطني كبير تخصص له ميزانية محترمة للوصول إلى الهدف المنشود .