هجرة الأدمغة..

هجرة الأدمغة..
صورة من الأرشيف


نور الهدى باشراحيل

في الآونة الأخيرة انتشرت ظاهرة انتقال الأشخاص ذوي العقول المبدعة والمهارات العالية من بلدانهم إلى بلدان أخرى، وهي ظاهرة طبيعية في سياق العولمة والتطور التكنولوجي حيث يسعى الأشخاص ذوو المهارات العالية للحصول على فرص أفضل من ناحية التعليم والعمل والفرص الحياتية بمختلف أشكالها وأنواعها مما يُمهد للشخص إمكانية
عيش حياة أفضل بمرات..

ولأننا كما نعلم تكون البلدان المتقدمة عادةً مجذرة بالبنية التحتية المتطورة والفرص الاقتصادية والثقافية المتنوعة، وبالتالي فهي تعتبر بيئةً جاذبةً للكفاءات والمواهب من جميع أنحاء العالم،
كونها تحتضنهم بالشكل اللائق وفي أُطرٍ تبدو مثاليةٍ لشخصٍ يسعى أن يكون اسماً بكل قوته،

ولكن مما لا يغيب عن عاقل فإن هجرة الأدمغة من الممكن أن تكون المشكلة الأكبر التي تواجهها البلدان النامية اليوم إلى جانب التردي الاقتصادي والخدماتي الذي تعيشه، حيث تفقد هذه البلدان المستثمرين في التعليم والبحث والابتكار، وتعاني من نقص في الخبرات والكفاءات اللازمة للتنمية،
ومن جانبٍ واقعيٍ آخر لو نظرنا لكمية الاستقطاب التي تقومُ بها هذه البلدان المتقدمة لربطنا التطور المتسارع لديهم بهذه الخطوة، 
إن إيمان الدولة أو المحيط بأهمية الاستثمار في الإنسان وحده كفيلاً بأن يخلق ثورةً تقدميةً من شأنها أن تحجز لهذه الرقعة مكانةً بين الكِبار، إذ أن هذا الإيمان يُعدُ الوصفة الأهم للنمو الاقتصادي والحضاري وحتى نمو الفكر الإنساني من ناحيةٍ أخرى، 
وكما قال الدكتور الكوري جيم يونغ كيم في كلمته التي ألقاها بجامعة كولومبيا: "كنا نعلم دائما أن الاستثمار في البشر هو الشيء الصحيح الذي يجب القيام به؛ الآن نحن نتعلم أنه، من الناحية الاقتصادية، قد يكون أذكى أمر فعلا للقيام به.
ففي كثير من الأحيان، مازلنا نسمع من القادة قولهم "سنحقق النمو لاقتصادنا أولا، ثم سنستثمر في شعوبنا". لكن الاستثمار في البشر هو استثمار في النمو الاقتصادي.
وتكشف أبحاث جديدة أن رأس المال البشري – رصيد المعرفة التقنية، والمعارف، والمهارات في بلد ما - هو جزء أهم بكثير من ثروة الأمم مما كان مفهوما سابقا"
ومن هنا يجبُ علينا الوقوف مع أنفسنا وقفاتٍ جادة، مفادها أنه طالما في هذه الحياة دائماً ثمةَ فرصةٍ للنهوض فمن أين البدء؟ 
وإن كان يجوزُ على المرء أن يقف مع نفسه، فإنه لشيء وجوبي الحدوث بالنسبة للسلطات العامة في كل دولة..
وإن كانت حقاً في رؤى الدول التطور والتقدم مستقبلاً، فإنهُ حقٌّ عليها الاعتراف بثرواتها البشرية واستغلالها كما يجب.