حفلة الأثرياء.. كيف تبخرت ثروات الجنوب بين ليلة وضحاها؟

حفلة الأثرياء.. كيف تبخرت ثروات الجنوب بين ليلة وضحاها؟

زايد بارشيد

في عالم السياسة لا تعد الوعود سوى قطرات ماء في صحراء الواقع، تتبخر قبل أن تلامس الأرض.. وهكذا يبدو الحال في الجنوب الذي طالما تغنى بأنين الاستغلال والنهب من الشمال وبقي السؤال الملح: أين ذهبت ثروات الجنوب بعد أن أصبحت بيد أبنائه؟
لطالما كان الجنوب خزاناً للموارد ومعدناً للثروات حيث تردد دائمًا أن الأيادي الشمالية هي التي تعبث برماله الذهبية مستنزفةً خيراته دون حياء.. لكن ما إن انتقلت مقاليد الحكم إلى الجنوبيين بعد عام 2015م، حتى بدا أن الستار قد ارتفع عن مسرحية جديدة بطلها لم يتغير ولكن الملابس فقط هي التي جُددت.
اليوم بعض هؤلاء القادة الجدد ممن كانوا يرفعون رايات النزاهة والشفافية، والعدالة، يقفون الآن على خشبة العرض نفسها التي كانت ممتلئة بتصفيق الأمس لأبطال الظلم.. فالشفافية التي طالما تغنوا بها تحولت إلى وهم، والنزاهة أصبحت مجرد وسيلة لتبرير أفعالهم الخاصة.. والجنوب الذي كان يأمل في تغيير حقيقي يجد نفسه مرة أخرى في قبضة الفساد والاستغلال.
تحت وطأة هذا النظام الجديد تبخرت ثروات الجنوب كما تتبخر قطرات الماء على صخور الصحراء الحارقة.
المشاريع العملاقة والاستثمارات الضخمة التي أُعلن عنها بحماسة كبيرة لم تر النور أبداً، بدلاً من ذلك تسللت الأموال إلى جيوب القلة الحاكمة واختفت في متاهات الحسابات البنكية الأجنبية.
من الواضح الآن أن الجنوب لم يتخلص من دورة الاستغلال، بل تم تغيير الأقنعة فقط.. الإدارة التي كان يُفترض أن تكون وسيلة للخدمة والتنمية تحولت إلى أداة للثراء والسيطرة.. ومع تزايد الاستياء العام والمطالبات بالمساءلة والشفافية، يبقى السؤال المعلق: هل يمكن للجنوب أن يجد طريقه نحو النجاة من هذا المستنقع، أم أن تاريخ الاستغلال سيظل يعيد نفسه دورةً بعد دورة؟