هزيمة الإنجليز

هزيمة الإنجليز
صورة من الأرشيف


محمد احمد بالفخر

   منذ انطلاق مباريات بطولة الأمم الاوربية في الأسبوعين الماضيين ومعظم الشعوب العربية الشغوفة بكرة القدم تتمنى فوز المنتخب الاسباني لعدة أسباب أولها: صحوة الضمير الذي تحلّى بها معظم الاسبان تجاه حرب الإبادة التي تقوم بها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني الأعزل في غزة ومناهضتهم للعدوان الهمجي الصهيوني وتوّجت الحكومة الاسبانية صحوة الضمير تلك بالاعتراف الرسمي بدولة فلسطين كما فعلت أيضاً ايرلندا والنرويج،
وثانيها: ان الفريق الاسباني يقدّم أداءً كروياً ممتعاً تفوق بسببه على كل الفرق التي قابلها،
وثالثها: ذلك الشبل الصغير المغربي الأصل (الأمين جمال) والذي أمتع الجميع بأدائه الراقي رغم صِغَرِ سنه فتألقه مع المنتخب الاسباني يذكّرنا جميعا بتلك القرون الرائعة والتي كان لأجدادنا اليمانيون والعرب دور كبير في تلك النهضة الحضارية التي شهدتها الأندلس قبل الانكسار الكبير الذي حدث بسبب تفرقنا
للأسف الشديد،
وملامح الفتى المغربي الصغير ذو السحنة السمراء يذكرنا برائعة نزار قباني رحمه الله وإن كان قد قالها في فتاة اسبانية تحمل ملامحاً عربية:
 في مدخل الحمراء كان لقاؤنا
            ما أطـيب اللقـيا بلا ميعاد
عينان سوداوان في حجريهم
             تتوالـد الأبعاد مـن أبعـاد
هل أنت إسبانية؟ ساءلـتها
           قالت: وفي غـرناطة ميلادي
غرناطة؟ وصحت قرونٌ سبعةٌ
            في تينـك العينين.. بعد رقاد
وأمـية راياتـها مرفوعـةٌ
              وجيـادها موصـولةٌ بجيـاد
ما أغرب التاريخ كيف أعادني
            لحفيـدةٍ سـمراء من أحفادي
قالت: هنا “الحمراء” زهو جدودنا
           فاقـرأ على جـدرانها أمجـادي
أمجادها؟ ومسحت جرحاً نـازفاً
            ومسحت جرحاً ثانيـاً بفـؤادي
يا ليت وارثتي الجمـيلة أدركـت
              أن الـذين عـنتـهمُ أجـدادي
عانـقت فيهـا عنـدما ودعتها
          رجلاً يسمـى “طـارق بن زياد”
وبكل تأكيد أن كثيراً من المشاهدين العرب تذكّروا تاريخ الأندلس وذلك الزمن الجميل ومعركة بلاط الشهداء وقائدها اليماني عبدالرحمن الغافقي وغيره من القادة العظام الذي سُجّلت صفحات تاريخهم بأحرفٍ من نور وبمدادٍ من ذهب،
وما هو حالنا اليوم؟ أصبحنا في زمن نبحث عن بصيص الأمل وعن أبسطِ حدثٍ لنفرح به ولو كان مجرد انتصار في بطولة لكرة القدم حتى وإن كانت لغير بلدٍ من بلداننا المتناثرة والمتباعدة بفعل سايكس وبيكو،
وتأتي موجة الفرح العاتية في المباراة النهائية والتعاطف مع المنتخب الإسباني إضافة الى ما سبق أن المباراة كانت ضد رأس الشيطان الأكبر وصانعة الأزمات في عالمنا العربي والإسلامي وصانعة الفرق التي تنخر في الإسلام والعقيدة من بهائية وقاديانية وغيرهما وتمزيق الخلافة الإسلامية واحتلال البلدان العربية والإسلامية ومنها الشطر الجنوبي من أرض اليمن الذي جثمت عليه مائة وتسعة وعشرون عاماً ومؤسف أن نجد من يقول ان كل تلك الفترة لم تكن احتلالاً بل هي شراكة! وأي شراكة؟،
ومن مصائبها الكبيرة أنها جلبت شُذّاذ الآفاق من كُلِّ اقطار العالم وسلمتهم أرض فلسطين ليقيموا عليها الدولة المسخ المسمّاة (إسرائيل) من خلال وعد البريطاني بلفور،
ولو تم إجراء استطلاعات للمتابعين في عموم العالم العربي وغيره لحملت تعاطف الأغلبية مع المنتخب الاسباني بسبب ما ذكرت، وكرهاً في الانجليز بسبب غرورهم داخل الملاعب وبسبب سياساتهم التي أودت بأمتنا الى الحضيض، ومنها دعمهم للكيان الصهيوني في حربه على غزة،
وقد يقول قائل وماذا عن الشياطين الأخرى القاطنة في البيت الأبيض وغيره؟
 والحقيقة ما هم إلا امتداد للشيطان الأكبر الموجود في قصر باكنغهام،
وأما في الملاعب فجماهيرهم الأسوأ على مدار التاريخ الكروي وفي ملاعب اليورو الأخيرة كان الكثير منهم يلبسون الملابس التي لبسها أسلافهم أثناء الحروب الصليبية والتي سبق لمنظمي كاس العالم الأخيرة في العاصمة القطرية الدوحة أن منعوا هذه الجماهير من دخول الملاعب بهذه الملابس،
وأختم بما قاله ذات يوم شاعر الحرية أحمد مطر وإن كان موجهاً لأمريكا فهو لبريطانيا أوجب.
أنا ضد أمريكا إلى أن تنقضي
        هذي الحياةُ ويوضعُ الميزانُ
أنا ضدها حتي وإن رقّ الحصى
        يوماً، وسال الجلمدُ الصوانُ
بغضي لأمريكا لو الأكوانُ
           ضمّت بعضه لانهارت الأكوانُ
من غيرها زرع الطغاة بأرضنا؟
            وبمن سواها أثمـر الطغيــانُ؟
حبكت فصول المسرحية حبكةً
         يعيا بها المتمرّس الفنّــــانُ
هذا يكرّ، وذا يفرّ، وذا بهذا
          يستجيرُ، ويبدأ الغليــــــــانُ
حتى إذا انقشع الدُخان مضى لنا
         جرحٌ ، وحلّ محلّـهُ سـرطانُ!