ثقافة الحلول

ثقافة الحلول

مطيع بامزاحم 

من منا لم تصل إلى سمعه تلك المقولة الشهيرة والذائعة الصيت والتي تقول، "كل مشكلة ولها حل"، فهذه الجملة المتفائلة والمطمئنة، تلهج بها السن المصلحين تلقائيا عند الحديث حول أي مشكلة، وسيتحضرونها حال تدخلهم لتقريب وجهات النظر، وفي جهود الإصلاح بين المتخاصمين، وكثيرا مايستهل بها المسؤول رده حين توجه له شكوى من مواطن أو جهة ما.

ونحن في #حضرموت رغم كل المكتسبات التي تحققت منذ العام 2016م، لم نسلم كسلطة ومسؤولين من الازمات والمعضلات التي تواجهنا جميعا وباستمرار ودون توقف، بل إنها تأتينا في قوالب متنوعة وبأشكال متعدد وعلى جميع الأصعدة أيضا ودون أي استثناء، غير أن الملاحظ أن هناك تراخيا في معالجة الأزمات قد تكون له اسبابه، وضعف في سرعة التعاطي معها وحلحلتها اولا بأول وقبل أن تتفاقم "ويتسع الخرق على الراقع" كما تقول العرب في أمثالها الشعبية.

لنأخذ على سبيل المثال، قضية اضراب المعلمين خلال الفصل الدراسي المنصرم، استمر ذلكم الإضراب لفترة طويلة وتسبب في حرمان الاف الطلاب والطلبات من الذهاب الى مدارسهم وجلوسهم على مقاعد الدراسة، ولم تحل تلك الازمة إلا بعد انتهاء الفصل الدراسي، مع بقاء بعض من مضاعفاتها.

لنأخذ مثالا آخر وقضية قائمة حتى اللحظة، والمتمثلة في الأزمة الحالية بين حلف قبائل حضرموت من جهة، والرئاسة والسلطة المحلية من جهة أخرى، وهي الاخرى مازالت تراوح مكانها، بل وتتعقد يوما بعد آخر، وكلنا أمل في تغليب لغة العقل والمنطق، ومراعاة المصلحة العامة للأمة الحضرمية وسرعة حلها وانهائها، وغيرها من الازمات الأخرى والكثيرة، صغيرة ومتوسطة وكبيرة، وفي جُل المرافق وفي مختلف الجهات.

نحن ندرك حجم المسؤولية الملقاة على عاتق السلطة المحلية بحضرموت والتي يمثل رأس هرمها سيادة الاستاذ مبخوت بن ماضي، والى جانبه عشرات الوكلاء والمستشارين والمدراء العامون وغيرهم، ونعي أن وضع البلاد بشكل عام قد وصل إلى الحضيض في ظل العجز الفاضح للرئاسة والحكومة والبرلمان عن القيام بأدوراهم على الوجه المطلوب، ومساعدة السلطات المحلية واسنادها، ومعالجة الأزمات الكبرى التي تعصف بحياة الناس وفي مقدمتها انهيار العملة الوطنية والتبذير والعبث بالمال العام وغيرهما الكثير.

 لكن ورغم ذلكم، لامناص من التحرك الجاد والسريع لاحتواء كل أزمة ومعضلة تحدث في حضرموت، وعدم السماح بتفاقهما ووصولها إلى نقطة اللاعودة، حتى لاينفلت زمام الأمور من بين أيدينا، وحتى لانضيف معاناة جديدة للمواطن، وحتى لانضطر إلى حلها بعد ذلك بثمن مُضاعف وبخسائر كبيرة، سينعكس أثرها السلبي على كل الأطراف حكاما ومحكومين، فتضعف حينها هيبة الدولة ومؤسساتها، وتزداد معاناة المواطن وتشتد.

ينقصنا في حضرموت كسلطة بدرجة أولى، وكمعارضة أيضا، زيادة الوعي بأهمية وضرورة تعزيز "ثقافة الحلول" للأزمات والمعضلات التي تواجهنا، ولضمان نجاح الأمر، نحتاج إلى سرعة في التعاطي مع أي ازمة، والمبادرة بالبحث عن اسباب المشكلة والتعجيل بمعالجتها بشكل جذري ونهائي أن سنحت الظروف حينها لذلك، أو بالامكان اللجوء الى الحلول المؤقتة كمرحلة أولى على أن تتبعها مرحلة ثانية وثالثة اذا تطلب الامر وصولا إلى المرحلة النهائية، لكن حذاري من الاتكال على الحلول المسكنة والاعتماد عليها، فهي تشبه النار التي تختفي تحت الرماد، فما تلبث أن تشتعل مرة أخرى، فتحرق ماتبقى من اليابس، أما الاخضر فقد احترق وتلاشي رماده في الهواء منذ سنوات عجاف خلت.

وعلينا كحضارم أيضا، تغليب مصلحة حضرموت وأبناءها على كل مصلحة أخرى، وعلى الشخصيات العامة والوجهاء المبادرة بالتدخل اذا لزم الامر وملئ الفراغ، وعلى المسؤولين والمعارضين ومن يقف في صف هذا وذاك، التفكير جديا في ضرورة الاجتماع على كلمة سواء خلال هذه المرحلة الحرجة، على الاقل لمساعدة آجيالنا القادمة على بلوغ المستقبل المنشود والغد المشرق الذي نتمناه جميعا، والتعاطي مع كل أزمة بوعي وحكمة وبُعد نظر، وعدم التعامل مع الخلافات والمشاكل بتأني أو بشكل شخصي، والبحث بشكل دائم عن الحلول الممكنة والمخارج الآمنة التي تقود إلى رص حقيقي للصفوف، وتوحيد صادق للكلمة وعمل دوب من أجل حضرموت واهلها وحاضرها ومستقبلها.

وتذكروا ايها الحضارم جميعا .. أن التاريخ يسجل المواقف ويوثقها، وأن المتضرر الأول والمباشر من تفاقم الأزمات وطول أمدها هو المواطن ولا احد سواه، وأن "لكل مشكلة حل".

والله من وراء القصد،،

#مطيع_بامزاحم